التالي

المرحوم الملا علي عبد الكريم فضل الشجرة النعيمي البحراني- في مصاب الزهراء ع

1 المشاهدات· 24/08/30
تراث المنبر البحراني
0

ولد ملا علي عبدالكريم فضل ، الملقب بالشجرة عام1936م في الفريق الغربي من منطقة النعيم في عائلة نعيمية بسيطة الحال ، تعلم القرآن وتلاوته على يد ملا علي الإحسائي ويد المعلم خالته أم عبدالله الشعباني حتى وصل إلى سن التاسعة ، ولما بلغ السنة الثالثة من عمره أي عام1939م أصيب بمرض الجدري الذي أنتشر في ذلك الزمان نظراً لإنعدام الوعي الصحي وقلة المشافي وضعف الحال حيث أخذ المرض مأخذه وأصاب كثيراً من الناس ، والذي أفقده نور عينيه وحرمه من نعمة البصر ، ولم يكتف القدر بهذه القسوة والحماقة بل دبع الوالدين إلى النزاع والخصام ومن ثم إلى الطلاق حيث عاش مع أمه في كنف أبيها الحاج صالح الشجرة ، أما لقب الشجرة فقد لحقه من جده لأمه الحاج صالح الملقب بالشجرة ، لوجود شجرة في بيته ، حيث أعتاد أهالي الحي عندما يقصدون منزل الحاج صالح يقولون سنذهب إلى بيت الشجرة ، لدرجة أن كلمة الشجرة أنسحبت على جميع أفراد عائلة الحاج ، إلى أن أصبحت لقباً يعرفون به ، وبعد أن ألقى الزمان مسئولية عائلة كبيرة وهي إعالة وتربية أخوانه الصغار بعد موت والدهم ، دفع بالملا رغم كونه ضرير إلى البحث عن عمل يوفر له ولأخوانه وأمه لقمة العيش حيث عمل في نقل الأحجار والرمال ، كما عمل مع البنائين والعتالين ، إضافة إلى أعمال أخرى ذاقته مرارة وقسوة العيش ، وبعدها توجه إلى التعليم الديني حيث توجه إلى الخطيب السيد محمد صالح السيد عدنان ، طالباً منه تعليمه الخطابة الحسينية ومبادئ أولية في الفقه وأحكام العبادات ، وكان عند حسن ظنه فسمح له بمصاحبته في مجالسه الحسينية ودروسه الدينية ، وبعد أختلاف إدارة مأتم مدن مع السيد صالح طلبت إدارة المأتم من الملا علي أن يتولى القراءة الحسينية منفرداً بدلاً من أستاذه السيد ومن هنا بدأت أنطلاقة الملا في القراءة ، رقى منبر الخطابة مايقارب ستون عاما في البحرين والكويت حيث أشتهر هناك وتشرف بالحج لأكثر من ثلاثين مرة ، وآخرها صار مقاول زيارة إلى سوريا ، وكان سكناه في منطقة السويفية وهو آخر بيت من بيوت النعيم من البيوت التي شاهدناها بيوت السعف والخشب ، إلى أن حصل على بيت من بيوت المدينة حيث أنتقل إليها ، لديه من الأبناء خمسة ذكور وثلاث أناث ، وأنتقل إلى جوار ربه يوم وفاة الإمام الصادق (ع) بتاريخ25/10/2008م.
وتتلمذ على يد الملا عبدالوهاب والملا سيدمحمد صالح سيدعدنان الموسوي والملا جواد حميدان. وصعد المنبر، وبفضل تشجيع ودعم أساتذته، بدأ الخطابة في العام 1964، وله من العمر 18 سنة، واستمر فيها لمدة 18 عاماً في مأتم مدن، ويعتبره مقره الرئيسي إلى حد الآن، وله حضور في مأتم ابوعقلين.
توفي في 26‏/10‏/2008
وذكراه لن تنسى على مر السنين والأيام، ومواقفه الطيبة ستبقى في ذاكرة من عرفوه ولن تمحى من ذاكرتهم مهما تقادم بهم الزمن، لأن فقيدنا تميز بصفات قد تكون فريدة من نوعها، إذ فقد فقيدنا بصره في سن التاسعة من عمره، وفي سن العاشرة وتحديدا في النصف الثاني من الأربعينات ألتحق بمعلم القرآن الملا عبد الله الإحسائي، وكان ينقل إليه يوميا من منطقة النعيم إلى مدينة المنامة، وكانت خالته معلمة القرآن الكريم الملايه الحاجة أم عبد الله شعبان تعاونه في القراءة، حتى ختم وحفظ أكثر من عشرين جزءا من القرآن الكريم، وعرف فقيدنا بنباهته وحافظته السريعة، هذا ما سمعناه من أخيه صالح الشجرة وأبن خالته الحاج عبد الله شعبان إذ كانا يلازمانه في أيام صباه وفي مختلف مراحل حياته حتى رحيله من هذه الدنيا الفانية، كان صلب الإيمان وإرادته قوية لا تلين وعزيمته لا تزلزلها الظروف القاسية والشديدة، كان دائما يحمد ربه ويشكره في السراء والضراء، كان على يقين ثابت، أن كل أمر سيئ يصيب الإنسان فهو من الإنسان نفسه، وكل شيء خير يحصل عليه فهو من الله سبحانه وتعالى، لم نره عابسا قط، ولم نجده متشائما في يوم من الأيام طوال الفترة التي قدر لنا أن نعيش معه فيها، كان أبيا عزيزا لا يقبل الإهانة لا لنفسه ولا لغيره من الناس، كان يتابع شئون أولاده وأحفاده المعنوية والمادية، يؤذيه إذا ما سمع عنهم أخبارا غير سارة، كان محبوبا في مختلف الأوساط الاجتماعية، يتحدى الصعاب ويتغلب عليها، لم يقل قط لا أملك شيئا، أو أنه لا يقدر على فعل شيء ، فكل الأمور عنده ممكنة وغير مستحيلة، لهذا كان يتعامل مع الحياة وكأنه بصيرا، فراح ينظم حملات للعمرة والزيارة من دون وجل أو خوف أو حرج ، حتى قال عنه أحد رجال الجمارك في إحدى الدول، لم نر هذا الشيء إلا عند البحرينيين، استطاع التغلب على العقبات التي صادفته في حياته، وتحمل الكثير من المأسي والويلات التي مرت عليه، أخذ يجوب في مختلف الأماكن لعله يجد مصدر رزق طاهر له ولأولاده وبناته، فكانت الكويت المكان الذي وجد فيه ما يصبوا إليه من الرزق، بقي فيها سنوات كثيرة حتى جاء ذلك اليوم الذي فجع فيه بوفاة أبنه الصغير الذي دهسته سيارة مسرعة وهو خارج ليشترى له من إحدى البقالات، يعجز اللسان عن الحديث عن هذا الرجل المكافح الذي أثبت للناس الذين عرفوه المعاني الحقيقية للإرادة القوية والعزيمة الصلبة، وأن فقدان عضو من الأعضاء لا يعني الركون في زاوية ضيقة في هذه الدنيا، كان يرى الدنيا ببصيرته الثاقبة، ولذلك كان يتحرك في جميع الإتجاهات ويدخل في كل الأماكن التي يدخلها البصير الواثق بنفسه و بخطوات ثابتة، والحضور المكثف من مختلف فئات المجتمع، من علماء دين ووجهاء وغيرهم من الناس مجالس العزاء التي أقيمت لتقديم التعازي إلى ذويه دليل واضح على مكانة هذا الرجل الكبير في قلوب الناس، وما إقامة المجالس لتلقي العزاء في مختلف المدن والقرى إلا دليلا آخر على مكانة فقيدنا العزيز في أوساط المجتمع البحريني، لا نقول إلا رحمك الله يا ملا علي الشجرة، وتغمدك برحمته الواسعة. سلمان سالم

أظهر المزيد

 0 تعليقات sort   ترتيب حسب


التالي