لم ندخل المرحلة الثانية من بناء الذات بعد!! | سماحة الشيخ بناهيان
المدّة: 05:24
النص:
"بيان الخطوة الثانية للثورة"
مفاهيم بناء الذات، وبناء المجتمع، وصناعة الحضارة
ذَكَر الإمام القائد ثلاثة مصطلحات إلى جانب بعضها البعض: بناء الذات، وبناء المجتمع، وصناعة الحضارة. وإنّ صناعة الحضارة وبناء المجتمع تنبثق من المبادئ ذاتها التي تنبثق منها عمليّة بناء الذات، وإنّ المحور في بناء ذواتنا هو مخالفة الهوى. وكذا في عملية بناء المجتمع فإنّ أهمّ ميزة يجب أن تُلحَظ في ثقافة المجتمع هي أيضًا التضحية ومخالفة الهوى. والمراد من كوننا نعيش المرحلة الثانية من بناء الذات هو أنّه: ما الذي لم نكن نمارسه إلى الآن على الصعيد الأخلاقي والمعنوي؟ وما الأمور التي لم تكن متعارَفة بيننا؟ إذن لا بدّ أن نقوم بهذه الأمور، فبناء الذات في مرحلته الثانية اليوم ليس أن تكون صالحًا لنفسك، فقد يقتضي بناء الذات في المرحلة الثانية أن لا تودع نقودك في المصرف للمضاربة، بل أن تدفع نقودك إلى شاب أو تتشارك مع بضعة أشخاص فتؤسّسوا ورشة.. قد تخسر أيضًا، تخسر من أجل أخوتك في الدين ما الضَير في ذلك؟
فمساجدنا مثلًا لم تكن مراكز لتأسيس التعاونيّات الصغيرة وجمع الرساميل المحدودة لإطلاق المشاريع، فكأنّ المسجد ظلّ على الحال التي كان عليها أيّام الطاغوت! فإمام الجماعة اليوم يجب أن يكون حقًّا "إمام الجماعة"، فيتقدّمهم في شؤون الحياة كلّها فيستثمر الأواصر القائمة بين المؤمنين لصالح معيشتهم. وحينئذ إذا تدفّقت الأموال على المسجد، وظلّ روّاده يتبادلون قولَ "تقبّلَ الله" بعد الصلاة، وبقوا متحابّين، وحافظوا على أخلاقيّاتهم وروحانيّتهم، وحُفظَتْ صداقاتُهم، ولم يخرجوا من الدين، ولم يتنازعوا بسبب المال فهذا هو الصواب، وإلا فما معنى أنْ تظلّوا إخوة من دون المال؟! أتريدون بهذا خداع أنفسكم أم الله؟!!
إنّ من الممكن أن نتخيّل في المرحلة الثانية من بناء الذات ممارساتٍ لم يُوصِ بها أحدٌ إلى الآن على الصعيد المعنوي والأخلاقي، فتوصياتنا الأخلاقيّة إلى الآن كانت: "لا تسرق"! لكن هل عدم السرقة لوحده كافٍ؟ إذن لماذا حين سألوا الإمام الباقر(ع) عن سبب عدم قيامه بالأمر قال: «يُدخِلُ أَحَدُكُم يَدَهُ في كيسِ أَخيهِ؟» قالوا: كلا، العمل عمل والأخُوّة أخُوّة، فقال(ع): أصحابُ إمامِ آخر الزمان ليس بينهم حدود للمِلْكية*. بناء الذات لا يقوم على الأنانيّة، وكذا القوانين الاقتصادية لا يجوز أن تُبنَى على الأنانيّة، نحن أساسًا لم ندخل هذه المرحلة من بناء الذات! بل إنّ بعض مراحل بناء الذات ليست متداولة بيننا أصلًا.
سأل رجلٌ الإمامَ الصادق(ع): أنتَ قلت: إذا جاء دكّانَك شيعيٌّ يشتري سلعةً فربحتَ منه، فهذا كالربا!! فماذا عسانا نفعل؟ فقال(ع): لا بأس عليك هذا بعد ظهور صاحب الزمان!**. إنّ لبناء الذات مرحلة تالية أيضًا فيصل الأمر إلى أنّك تُؤَمِّن رزقَك من مصدر آخر، أمّا تجارتُك فتكون لمساعدة إخوانك!! المرحلة الثانية من بناء الذات تعني: السلوكيّات الأخلاقيّة.. في مخالفة الهوى، والسلوكيّات المعنوية، والتضحيات، والجهاد في سبيل الله في مجالات مُستَحدَثة، إنّها مُهمّة، ونحن لم نقتحمها بعد وهي ضروريّة جدًّا. امتحاننا اليوم هو في هذه الأمور!
* قيلَ لِأَبي جَعفَرٍ الباقِرِ(ع): إِنَّ أَصحابَنا بِالكوفَةِ جَماعَةٌ كَثيرَةٌ فَلَو أَمَرتَهُم لَأَطاعوكَ وَاتَّبَعوكَ؟ فَقَالَ: يَجيءُ أَحَدُهُم إِلى كيسِ أَخيهِ فَيَأْخُذُ مِنهُ حاجَتَهُ؟ فَقالَ: لَا. قالَ: فَهُم بِدِمائِهِم أَبخَلُ، ثُمَّ قالَ: ...إِذا قامَ القائِمُ جَاءَتِ المُزايَلَةُ وَيَأْتي الرَّجُلُ إِلى كيسِ أَخيهِ فَيأْخُذُ حاجَتَهُ لا يَمنَعُه. (الاختصاص/ ص24)
** عن عليّ بن سالِمٍ عن أبيه قال: سألتُ أبا عبد الله(ع) عن الخَبَر الذي رُوي... أَنَّ رِبحَ المُؤمِنِ على المُؤمِنِ رِبًا ما هُوَ؟ قال: ذاكَ إِذا ظَهَرَ الحَقُّ وَقامَ قائِمُنا أَهلَ البَيتِي، وَأَمّا اليَومَ فَلا بَأسَ بِأَنْ يَبيعَ مِنَ الأَخِ المُؤمِنِ وَيَربَحَ عَلَيهِ. (من لا يحضره الفقيه/ ج3/ ص313)
لدعم نشاطاتنا أنقر على الرابط التالي:
Panahian.net/donate
يمكنك التبرّع بالطرق المتداولة الأخرى أيضًا.
لمزيد من المعلومات راسلنا:
واتساب: 00989945071440 (للتواصل النصّي فقط)
البريد الالكتروني: [email protected]
صفحاتنا: @PanahianAR