الإحساس المفقود في ثقافتنا... | سماحة الشيخ بناهيان
المدّة: 05:12
النص:
الإحساس بالمسؤوليّة الاجتماعيّة هو إحساس مفقود في ثقافتنا المعاصرة، بل إحساس مفقود في ثقافتنا الدينيّة أيضًا. فالشعور بالمسؤوليّة تجاه الآخرين يختلف عن مجرّد أن تكون علاقتي مع الآخرين طيّبة، مجرّد أن أحيا في المجتمع، بل مجرّد أن أضبط سلوكي مع الآخرين لئلّا أظلمهم. بالطبع هذه الأمور مهمّة جدًّا، لكن غير كافية، بل هي ليست تلك، فتلك.. أقصد تقبُّل المسؤوليّة الاجتماعيّة.. هي شيء آخر تمامًا، فالشعور بالمسؤوليّة المجتمعيّة يعني الشعور الأُبويّ لكلّ رجل تجاه المجتمع، يعني الشعور الأُمومي لكلّ امرأة تجاه المجتمع.
الأشخاص، لدى بحثهم عن عمل، يفتّشون عن نجاحهم هم، فإن نجحوا انتابهم تأنيب الضمير فيقرّرون خدمة مجتمعهم قائلين: بهذا سأكون قد خدمتُ مجتمعي، وتطوّرتُ في عملي في آنٍ واحد. أو إذا رغبوا، مثلًا، في تكوين أسرة وضعوا أيضًا مصالحهم الفرديّة بالحسبان. أقولها لكم بكلّ جُرأة: الآن يندر أن يقول شخص، من منطلق الشعور بالمسؤوليّة الاجتماعيّة: لا بدّ أن أتزوّج لأنّ المجتمع اليوم بحاجة إلى زيادة النسل! بل إنّي حين أرى حاجة المجتمع هذه إلى زيادة النسل أركُن الكثير من شؤوني الشخصيّة جانبًا! أنسى ذوقي الخاصّ!
ما التكامل الذي سيبلُغه مجتمعك؟ أيّ رفعةٍ وعزّةٍ سيصيبُ مجتمعُك؟ هذه يجب أن تكون قضيّتك الأولى! وأن ترى نفسك فانيًا في مجتمعك! أسمعتَ عن الفناء في الله؟ "ذروة التقرُّب" المُستعمَل للعارفين للتعبير عن مدى ذوبانهم في ربّ العالمين؟ هذا الفناء في الله إن أردتَ معرفة المؤشّر عليه، وقياس نموذجه العينيّ ماذا سيكون؟ سيكون: الفناء في الناس.. الفناء في البشريّة.. حَمْل هاجِس الآخرين.. الآخرين الذين هم خَلقُ الله.. عبادُ الله.. الذين خلَقَ اللهُ العالَمَ لأجلهم.. فكيف تريد لقلبك أن يرتعش من الله، ومن خشية الله، من دون أن تعيرَهم أيّ أهمّيّة؟!
فلو ناوَلك صاحبُ الزمان(عج) طفلَه ماذا ستصنع؟
- أوه، سيّدي!
يقول: اِعتَنِ به.
كيف ستعتني به؟! حقًّا، ماذا ستصنع؟.. أوّلًا، لعلّك تتّصل هاتفيًّا، أو تقول لأصدقائك أن يتّصلوا بالبيت، وبأهل العالم أجمع.. قائلًا: لا يتّصل بي أحد، أنا عطّلتُ نفسي، وكلّ أعمالي! يا أُمّي، لن آتي للبيت.. لزملاء العمل، قُل..، اتّصل.. حاليًّا لستُ فارغًا! ثمّ تصُبّ كلّ اهتمامك عليه.. طيّب، هذا ما قاله الله. صاحب الزمان(ع) سلّمَك ولدَه فعطّلتَ كلّ شؤونك، والله يقول: «الخَلقُ عِيالي»، الناس كلّهم أولادي!
كنتُ أشاهد الإخوة المجاهدين كانوا في ذروة الروحانيّة ويجتاحهم هذا الإحساس؛ إحساس حبّ الغير، الشعور الأبويّ تجاه أفراد المجتمع قاطبةً، هذا الشعور الغريب بالمسؤوليّة الذي يجعله مستعدًّا.. للتضحية بنفسه من أجلهم بكلّ سهولة، بكلّ اطمئنان.. هذا هو الشهيد.. الشعور الأبويّ.. الشعور الأموميّ.. تجاه المجتمع.. هذا هو الشهيد..
لدعم نشاطاتنا أنقر على الرابط التالي:
Panahian.net/donate
يمكنك التبرّع بالطرق المتداولة الأخرى أيضًا.
لمزيد من المعلومات راسلنا:
واتساب: 00989945071440 (للتواصل النصّي فقط)
البريد الالكتروني: [email protected]
صفحاتنا: @PanahianAR