لنعرف الدين بهيجا | سماحة الشيخ بناهيان
لنعرف الدين بهيجا
المدّة: 05:55
النص:
أولئك الذين لهم مهجة وحيويّة ونشاط، فليأتوا معنا إلى مأتم العزاء.
أولئك الذين لهم مهجة وحيوية فليأتوا معنا إلى مجلس دعاء كميل؛
لينتعش فؤادنا! لا يصحّ أن نقول أن حياتنا سالمة والدين هو بمثابة المستشفى
ثمّ نحن نتمرّض بين الحين والآخر نفسيّا في خضمّ هذه الحياة فلنلجأ إلى الله
لقد رفض الله بشكل صريح في القرآن الكريم هذا النمط من العبادة
إذ يقول: (إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ ... جاءَتْها ريحٌ عاصِفٌ...وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصين)
(فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُون) فهذا ليس بأسلوب التديّن الدين ينشّطنا ويمنحنا الحيويّة
ويمكّننا من مواجهة المشاكل بقوّة وأساسا يمنح الدينُ الإنسانَ حيويّةً بحيث كل غير متديّن إذا رآه يجب أن يشعر بالنقص
ويقول في نفسه: ما أسعده؛ كم هو مرح! هل هو من أهل المسجد؟! ما أسعده؛ كم هو نشيط! هل هو من أهل المواكب؟
ما أسعده وما أعلى معنوياته ما شاء الله، هل هو من المصلين؟ هكذا يجب أن يكون الحديث عن الدين
على ألسن الناس جميعا فإن لم يكن ذلك دلّ على أن المتديّنين قد أساءوا الحياة
وأنهم يقدّمون تعريفا سيئا عن الدين للآخرين وهذا حرام في أيام الدفاع المقدس كانت كلمة المعنويّات كلمة مهمّة جدّا
كان ينادى بهم: المعنويات! فيجيبون: "عالية". وهناك لقاءات صحفية كانت تتم مع المجاهدين،
فدائما ما كان الحديث عن المعنويات. كانوا يسألون: كيف معنويات المجاهدين؟ في أمثال هذه اللقاءات.
فدائما كانوا يحرصون على حيويّة المجاهدين. أما الآن في الحج فحينما يدار باللاقطة لإعداد اللقاء يبحثون عن الأحزان
ويبحثون عن الحاجات ويبحثون عن أهل الحوائج وترى بعضهم حتى في محرّم عندما يدور بلاقطته لعقد اللقاء يبحث عن ذوي الحاجات
وكذلك في الاعتكاف يبحثون عن ذوي المصائب طبعا في بعض الأوقات! لا ينبغي أن يُتّبَع هذا الأسلوب يزعم البعض أن النبض المعنوي هو الدمع فقط
نعم الدمع له شأنه! أولا أي دمع؟ أولا ذاك أمر مختلف فهناك شتان بين الدموع
ثانيا لا يقاس نبض المعنوية بالدموع فقط أحد المؤشرات التي يمكن أن نقيس به نبض معنوية الإنسان ومدى تقرّبه من الله
هو النقطة المقابلة للدموع تماما على أساس عرف الناس الذين يعتبرون الدموع علامة للحزن فما هي هذه النقطة المقابلة؟! الحيوية
أولئك الذين لهم مهجة وحيويّة ونشاط، فليأتوا معنا إلى مأتم العزاء
أولئك الذين لهم مهجة وحيوية فليأتوا معنا إلى مجلس دعاء كميل
لينتعش فؤادنا! غيّروا تعابيركم وأدبياتكم فأولئك الذين لا مهجة لهم وميّتون ومغتمّون ومكتتئبون فهؤلاء لا يصلحون لمجلس دعاء كميل
فليذهبوا ثم يذهبوا ثم يذهبوا ثم يذهبوا لم یکن الله ليجلس في مكانه ويقول لك: متى ما نفدت معنوياتُك فتعالَ واطرق بابي!
ما هذا التعريف للدين؟ وما هذا التعريف لعبادة الله؟ لعلّنا يجب أن نعيد النظر في مجالس الدعاء والمناجاة
طبعا لا بأس في الدعاء أن ينادي القارئ ذوي الحاجات يا أصحاب الحاجات.. یا أهل المرضى..
أيها البؤساء.. تعالوا.. أين جالسون؟ ولكن إن أصبح يُفهم هذا الخطاب بأن الدعاء خاصّ بالبؤساء والمساكين فلنتركه.
إن هذه ليلة عاشوراء وأنا أتحدّث فيها عن الحيويّة وهي الليلة التي أنعشَ الإمامُ الحسين(ع) فيها أصحابَه
فما كان لأحد فيها خوفٌ ولا حزنٌ ما كان أولياء الله يسمحون لقلب أحد أن يعتريه خللٌ ما كانوا يحافظون على المعنويّات لتبقى عاليةً
حتى أن بعض أصحاب أبي عبد الله الحسين (ع) كانوا يتمازحون معاً هذه الليلة قطّعوا إربا إربا في كربلاء بكل حيويّة
كم كان يبكي الإمام الحسين (ع) يومَ عاشوراء؟ كم قد بكى واقعاً؟ أن يبكي رجل كلَّ هذا البكاء في يوم واحد ضمآنا...
مع قاسم بن الحسن، على علي الأكبر، على أبي الفضل العباس، وهكذا في مواقف شتّى ومع هذا ورد أنه كان يزداد وجهه إشراقا ساعة بعد ساعة
أولئك الذين لا نشاط لهم، فهم لا يصلحون للبكاء على أبي عبد الله الحسين (ع) إذ يقتضي الأمر إنساناً حيويّا
فبرأيكم إن الرجل الكئيب المسكين الذي يبكي على الإمام الحسين (ع) كم يُحتَمل أن بكاءه على مصائب الإمام الحسين (ع) حقيقة!
فلعلّ بعض بكائه من أجله طبعا أوكّد مرّة أخرى أن من حزن فليلجأ إلى الله! وليناجِ ربّه فليس هذا الطريق مغلقا
ولكن ليس من الصحيح أن نقلّل مستوى الدين بهذا القدر ونحقّره إلى هذا المستوى
ثمّ يأتي شرذمة من الجهلاء الذين أجهل منّا نحن الذين أسأنا الحياة ويقولون إن الدين للضعفاء
الدين للبؤساء والمساكين كلّا! فإن الدين ينشّطنا وينعشنا.
شاهد الفلم في صفحاتنا التالية:
الموقع: http://arabic.bayanmanavi.ir/
الفيسبوك: https://www.facebook.com/panahianAR/
التلغرام: https://telegram.me/PanahianAR/
الانستقرام: https://www.instagram.com/PanahianAR/