دعاء الندبة _ بصوت محسن فرهمند
الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد نبيّه وآله وسلّم تسليما اللهمّ لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في اوليائك الّذين استخلصتهم لنفسك ودينك اذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النّعيم المقيم الّذي لا زوال له ولا اضمحلال بعد ان شرطت عليهم الزّهد في درجات هذه الدّنيا الدّنيّة وزخرفها وزبرجها فشرطوا لك ذلك وعلمت منهم الوفاء به فقبلتهم وقرّبتهم وقدّمت لهم الذّكر العليّ والثّناء الجليّ واهبطت عليهم ملائكتك وكرّمتهم بوحيك ورفدتهم بعلمك وجعلتهم الذّريعة اليك والوسيلة الى رضوانك فبعض اسكنته جنّتك الى ان اخرجته منها وبعض حملته في فلكك ونجّيته ومن آمن معه من الهلكة برحمتك وبعض اتّخذته لنفسك خليلا وسالك لسان صدق في الآخرين فاجبته وجعلت ذلك عليا وبعض كلّمته من شجرة تكليما وجعلت له من اخيه ردءا ووزيرا وبعض اولدته من غير اب وآتيته البيّنات وايّدته بروح القدس وكلّ شرعت له شريعة ونهجت له منهاجا وتخيّرت له اوصياء مستحفظا بعد مستحفظ من مدّة الى مدّة اقامة لدينك وحجّة على عبادك ولئلّا يزول الحقّ عن مقرّه ويغلب الباطل على اهله ولا يقول احد لولا ارسلت الينا رسولا منذرا واقمت لنا علما هاديا فنتّبع آياتك من قبل ان نذلّ ونخزى الى ان انتهيت بالامر الى حبيبك ونجيبك محمّد (صلّى الله عليه و آله) فكان كما انتجبته سيّد من خلقته وصفوة من اصطفيته وافضل من اجتبيته واكرم من اعتمدته. قدّمته على انبيائك وبعثته الى الثّقلين من عبادك واوطاته مشارقك ومغاربك وسخّرت له البراق وعرجت بروحه الى سمائك واودعته علم ماكان ومايكون الى انقضاء خلقك ثمّ نصرته بالرّعب وحففته بجبرئيل وميكائيل والمسوّمين من ملائكتك ووعدته ان تظهر دينه على الدّين كلّه ولو كره المشركون وذلك بعد ان بوّاته مبوّء صدق من اهله وجعلت له ولهم اوّل بيت وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بيّنات مقام ابراهيم ومن دخله كان آمنا وقلت: انّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس اهل البيت ويطهّركم تطهيرا.
ثمّ جعلت اجر محمّد صلواتك عليه وآله مودّتهم في كتابك فقلت: قل لا اسالكم عليه اجرا الاّ المودّة في القربى وقلت: ماسالتكم من اجر فهو لكم وقلت: مااسالكم عليه من اجر الاّ من شاء ان يتّخذ الى ربّه سبيلا فكانوا هم السّبيل اليك والمسلك الى رضوانك.
فلمّا انقضت ايامه اقام وليّه عليّ بن ابي طالب صلواتك عليهما وآلهما هاديا اذ كان هو المنذر ولكلّ قوم هاد فقال والملاء امامه: من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وقال: من كنت انا نبيّه فعليّ اميره وقال: انا وعليّ من شجرة واحدة وسائر النّاس من شجر شتّى.
واحلّه محلّ هارون من موسى فقال له: انت منّي بمنزلة هارون من موسى الاّ انّه لا نبيّ بعدي وزوّجه ابنته سيّدة نساء العالمين واحلّ له من مسجده ما حلّ له وسدّ الابواب الاّ بابه ثمّ اودعه علمه وحكمته فقال: انا مدينة العلم وعليّ بابها فمن اراد المدينة والحكمة فلياتها من بابها. ثمّ قال: انت اخي ووصيّي ووارثي لحمك من لحمي ودمك من دمي وسلمك سلمي وحربك حربي والايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي وانت غدا على الحوض خليفتي وانت تقضي ديني وتنجز عداتي وشيعتك على منابر من نور مبيضّة وجوههم حولي في الجنّة وهم جيراني ولولا انت يا عليّ لم يعرف المؤمنون بعدي. وكان بعده هدى من الضّلال ونورا من العمى وحبل الله المتين وصراطه المستقيم لايسبق بقرابة في رحم ولا بسابقة في دين ولا يلحق في منقبة من مناقبه يحذو حذو الرّسول صلّى الله عليهما وآلهما ويقاتل على التاويل ولا تاخذه في الله لومة لائم قد وتر فيه صناديد العرب وقتل ابطالهم وناوش ذؤبانهم فاودع قلوبهم احقادا بدريّة وخيبريّة وحنينيّة وغيرهنّ فاضبّت على عداوته واكبّت على منابذته حتى قتل النّاكثين والقاسطين والمارقين. ولمّا قضى نحبه وقتله اشقى الآخرين يتبع اشقى الاوّلين لم يمتثل امر رسول الله (صلّى الله عليه و آله) في الهادين بعد الهادين والامّة مصرّة على مقته مجتمعة على قطيعة رحمه واقصاء ولده الاّ القليل ممّن وفى لرعاية الحقّ فيهم فقتل من قتل وسبي من سبي واقصي من اقصي وجرى القضاء لهم بما يرجى له حسْن المثوبة اذ كانت الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين وسبحان ربّنا ان كان وعد ربّنا لمفعولا ولن يخلف الله وعده وهو العزيز الحكيم. فعلى الاطائب من اهل بيت محمّد وعليّ صلّى الله عليهما وآلهما فليبك الباكون واياهم فليندب النّادبون ولمثلهم فلتذرف الدّموع وليصرخ الصارخون ويضجّ الضّاجّون ويعجّ العاجّون اين الحسن اين الحسين اين ابناء الحسين صالح بعد صالح وصادق بعد صادق اين السّبيل بعد السّبيل اين الخيرة بعد الخيرة اين الشّموس الطّالعة اين الاقمار المنيرة اين الانجم الزّاهرة اين اعلام الدّين وقواعد العلم اين بقيّة الله الّتي لاتخلو من العترة الهادية اين المعدّ لقطع دابر الظّلمة اين المنتظر لاقامة الامت والعوج اين المرتجى لازالة الجور والعدوان اين المدّخر لتجديد الفرائض والسّنن اين المتخيّر لاعادة الملّة والشّريعة اين المؤمّل لاحياء الكتاب وحدوده اين محيي معالم الدّين واهله اين قاصم شوكة المعتدين اين هادم ابنية الشرك والنّفاق اين مبيد اهل الفسوق والعصيان والطّغيان اين حاصد فروع الغيّ والشّقاق اين طامس آثار الزّيغ والاهواء اين قاطع حبائل الكذب والافتراء اين مبيد العتاة والمردة اين مستاصل اهل العناد والتّضليل والالحاد اين معزّ الاولياء ومذلّ الاعداء اين جامع الكلمة على التّقوى اين باب الله الّذي منه يؤتى اين وجه الله الّذي اليه يتوجّه الاولياء اين السّبب المتّصل بين الارض والسّماء اين صاحب يوم الفتح وناشر راية الهدى اين مؤلّف شمل الصّلاح والرّضا اين الطّالب بذحول الانبياء وابناء الانبياء اين الطّالب بدم المقتول بكربلاء اين المنصور على من اعتدى عليه وافترى اين المضطرّ الّذي يجاب اذا دعا اين صدر الخلائق ذو البرّ والتّقوى اين ابن النّبيّ المصطفى وابن عليّ المرتضى وابن خديجة الغرّاء وابن فاطمة الكبرى.