الحكمة 2 المقطع الثاني

«وَرَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ ضُرَّهُ»:
إنَّ مَن يُصِيْبُهُ ضَرَرٌ مِن الأضرارِ -كالمرضِ والفَقْرِ- فيَكْشِفُهُ للآخَرِيْنَ، فقدْ رَضِيَ بالذُّلِّ أَمامَهُم؛ لأنَّ كَشْفَ الضُّرِّ للنّاسِ، يُلازِمُهُ المَذلّةُ؛ بسببِ ما يَحصُلُ مِنهم مِن الشَّفَقَةِ أو التَّحْقِيرِ أو الاستهزاءِ ونحوِ ذلك.
كالذي في جَسَدِهِ عاهةٌ لا يَعلَمُ النّاسُ بها؛ فإذا كَشَفَها لهم فقدْ أذَلَّ نَفْسَهُ.
وقدْ سَمِعَ رجلٌ شخصاً يقولُ: (لمْ أَنَمِ اللّيلةَ مِن وَجَعِ ضِرْسِي) وَأَكْثَرَ مِن الشَّكوى في ذلك؛ فقال لهُ: يا هذا لِمَ تُكْثِر؟! فَوَاللهِ لقدْ ذَهَبَتْ عيني منذُ ثلاثينَ سنةٍ فما شَكوتُ ذلك إلى أحدٍ و لا أَعلمتُ بها أحداً.