الحقائق المكتومة و الأمة المخدوعة (1) - القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد عليهم السلام
#العقائد_الحقة
#الإمامة
#الحقيقة
#الوحدة_الإسلامية
#الإمامية
#ولاية_الفقيه
رَوَي ثِقَةُ الإسْلامِ الكُلَيني ره في الكَافي عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ بحرَالحَقَائِقِ
مَولانَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جعفرَ بنَ محمَّدٍ الصَّادِقَ (ع) يَقُولُ وَجَدْتُ عِلْمَ النَّاسِ كُلَّهُ فِي أَرْبَعٍ : أَوَّلُهَا أَنْ تَعْرِفَ رَبَّكَ وَ الثَّانِي أَنْ تَعْرِفَ مَا صَنَعَ بِكَ وَ الثَّالِثُ أَنْ تَعْرِفَ مَا أَرَادَ مِنْكَ وَ الرَّابِعُ أَنْ تَعْرِفَ مَا يُخْرِجُكَ مِنْ دِينِكَ. (ط - الإسلامية) / ج1 / 50 / باب النوادر ..... ص : 48ز
أشَارَ مَولانا ابُوعَبد اللهِ جَعفرُ بنُ محمدٍ الصَّادق (ع) بهَذَا الحديثِ الشَّرِيفِ إلي الخُطَّةِ الَّتي تهْدِينَا إلي الصِّراطِ المستقيمِ وَ تُوصِلُنَا إلي الجَنَّةِ النَّعِيم. فَبإذنِ اللهِ تَبارك و تَعالي وَ تَابِعِينَ لخُطَّةِ وَليِهِ وَ ممتثِلِينَ لأمْرِهِ وَ إرشادِهِ صلواتُ اللهِ عَلَيه ، سَنُقَّدِمُ لحَضَرَاتِكُمْ في مَا يَلِي نَبذةً ممّا لا محيصَ عَنْهَا لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ
قال الله الحكيم في محكم كتابه الكريم : سَنُريهِمْ ءَايَاتِنَا فىِ الآفَاقِ وَ فىِ أَنفُسِهِمْ حَتىَ يتَبَيَّنَ لهُمْ أَنَّهُ الحْقّ ُأَ وَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلىَ كلُ ّشىَءٍ شهَيدٌ(53)
في الآيةِ الكَرِيمةِ لَطائِفٌ كَثِيرَةٌ وَ مِنْهَا أنَّنا لا نَقْدِرُ أنْ نُنْكِرَ ما نَرَى، كَمَا أنَّنا لا نَقدِرُ أنْ نَجْهَلَ مَا نَعْلَمُ، و أنَّنا نَرَى الآفاقَ وَ نَنْظُرُ إلي أنفسِنَا، فَنَكْشِفُ بهِمَا كِتابَ الكَونِ، مفتوحاً بينَ أيدِينَا، لا يَأتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَينِ يَدَيهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ وَ فِيهِ حُرُوفٌ وَ كَلِمَاتٌ وَ سُوَرٌ وَ آيَاتٌ، تَنْطِقُ بِوُجُودِ كَاتِبِهَا وَ وَحْدَانِيَّتِه، وَ قُدْرَتِهِ وَ حِكْمَتِهِ، وَ هُوَ اللّهُ تبارك و تعالى وَ اِنْ لَمْ نَرَه.
إنَّ ربَّنا سبحانَه قَد علَّمَنا في کتابهِ طريقَ العلم بوجودِه و صفاتهِ؛ فاَمرَنا بالتَّدَبُّرِ فيما اَودَعَ في آفاق السَّمٰواتِ و الارضِ و في اَنفُسِنا من غرائبِ الصُّنعِ و بدائعِ الحِکَم وَ اِذَا تامَّلنا و تفکَّرنا بصريحِ عقلِنا حَصَلَ لَنَا اليقينُ بِاَنَّ لَنَا ربّاً حکيماً لطيفاً عليماً قاهراً قادراً لا يجوز عَلَيه العبثُ وَ الظُّلمُ وَ القُبْح.
ثمّ اِنّ ربَّنا بعثَ الينا نبياً أمِّياً مُؤيَّداً بالآياتِ الظّاهرةِ و المعجزاتِ الباهرة و العُلُومِ الكَامِلَةِ وَ أنْزَلَ مَعَهُ القرآنَ كَمُعجِزَتِهِ الخَالِدَةِ وَ تَشهَدُ بديهةُ العقل بِاَنّهُ لا يجوزُ عَلَي اللهِ اَن يُجرِيَ عَلي لِسانِ کاذبٍ اَمثالَ هٰذِهِ الآيات وَ عَلَي يَدِ دَجَّالٍ أمثالَ هَذِهِ المعجزات. فجَعَلَ لِنَبِيِهِ خُلَفاءً مِنْ أهلِ بَيتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ أذْهَبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً وَ وَجَّهَ أُمَّتَهُ إليهِمْ حَيْثُ قَالَ: فَاسْألُوا أهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ.
فاذا حَصَلَ لَنَا اليقينُ بصِدقِ هَذَا النَّبي وَ أهلِ بَيتِهِ المعصُومينَ عَليهِ وَ عَلَيهِمْ الصَلوة و السلام وَ اعْتقَدْنا بهم، يَلزَمُنا اَن نَتَّبِعَهُم و نَعتَقِدَ اَنَّهُم صادِقون في کُلِّ ما يُخبِرُناَ بِهِ في اُصُولِ الدّين وَ فُرُوعِه. و بِذَلِكَ أشَارَ مَولانَا أَبُوعَبْدِ اللَّهِ ع في قَولِهِ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَكْمِلَ الْإِيمَانَ كُلَّهُ فَلْيَقُلِ: الْقَوْلُ مِنِّي فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ قَوْلُ آلِ مُحَمَّدٍ فِيمَا أَسَرُّوا وَ مَا أَعْلَنُوا وَ فِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُمْ وَ فِيمَا لَمْ يَبْلُغْنِي.
نَعتقدُ اَنَّ اللّهَ تعالى لَمَّا مَنحَنَا قوةَ التفكير و وَهَبَ لنا العقلَ ، أَمَرَنا أنْ نتفكرَ في خلقِهِ و ننظُرَ بِالتأملِ في آثارِ صُنعِهِ، و نتدبرَ في حكمتِهِ و اتقانِ تدبيرِهِ في آياتِه في الآفاق و في انفسِنا..........
و ذمَّ من يتَّبِعُ ظنونَه و رجمَهُ بالغيب فقال إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ و إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْني مِنَ الْحَقِّ شَيْئا.
و في الحقيقة أنَّ عقولَنا فرضتْ علَينا النظرَ في الخلقِ و معرفةَ الخالقِ ، كما فرضتْ علينا النظرَ في دعوى من يَدَّعِي النبوةَ أو الإمامة و في أدلته و معجزتِهِ. و لا يَصِحُّ عندنا تقليدُ الغير في ذلك مهما كانَ ذلك الغيرُ منزلةً و خطراً. لأنَّ من لم يكن حجةَ الله علي عباده و لم يثبُتْ علمُهُ من الله و لم تثبُتْ عصمتُهُ بالدليلِ اليقيني، يحتملُ الخطأُ عليه في ما صدر عنه، فلا يُفيدُ قولُه و فعله و تقريره شيئاً وَ اِنْ كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ وَ الفُقَهَاءِ وَ المراجِعِ وَ المجتهِدِين.
أما الأنبياءُ و اوصياؤُهم عليهم الصلوة و السلام، لَمَّا ثبت علمُهُم بما كان و مايكون و ماهو كائنٌ إلي يوم القيامة من لدن حكيم عليم و لَمَّا ثبتتْ عصمتُهُم عَنِ السهوِ و النسيان ِو الخطأ ِو العصيانِ بالدليل اليقيني، فقولهم و فعلهم و تقريرهم يفيد اليقين و ليس الإقتداء بهم تقليدا. فالقولُ مِنَّا في كل شيئٍ إنْ طابَقَ مَا قالَ آلُ محمدٍ عليهمُ السلام أفضلُ من ما يَنتِجُ لَنَا مِنْ ما حقَّقْناهُ مع قصورِنا و تقصيرِنا و جهلِنَا و عدمِ عصمتِنا. فالإقتفاء بهم عليهم الصلوة و السلام أولي من الإعتمادِ عَلَي أنفسنا. و ما جاءَ في القرآنِ الكريمِ مِن الحثِّ عَلَى التفكير في آيات الله و التفقهِ في دين الله و اتِّباع العلمِ و كَسبِ المعرفةِ فإنَّما جاءَ مُقرِّرا لهذه الحريةِ الفطريةِ وَ الطَّاعةِ المرضيةِ التي تَطابَقتْ عَلَيهَا آراءُ الأحرار و سِيَرُ الأبرار وَ هِيَ فَهْمُ مَنْزِلَةَ المعْصُومينَ وَ قَبُولُ وَلايَتِهِمْ وَ إطَاعَتِهِمْ عَلَيْهِمُ السَّلام، كما قال الله تبارك وتعالى في كتابِهِ: إنَّ هَذَا القرآنَ يَهدِي لِلَّتي هِيَ أقوم.