التالي

البعث المجرم و حملة التهجير للآلاف من العوائل بحجة التبعية وكانت الغالبية من الأكراد الفيلية

2 المشاهدات· 24/09/27
هيئة المساءلة والعدالة
0

في الشهر الرابع من عام ١٩٨٠ قام النظام البعثي بحملة تهجير واسعة للآلاف من العوائل العراقية بحجة التبعية الإيرانية وكانت الغالبية منهم من الأكراد الفيلية .
أرسل الرجال الكبار والنساء والأطفال إلى الحدود الإيرانية ليعبروا إلى الجانب الآخر من الحدود ويضع الشباب في السجون .
فغصت بهم السجون والقاعات لسنوات عديدة من دون سبب يذكر إلا عذر النظام هو الخشية من انضمامهم للمعارضين له .
ولا أحد يعرف إلى متى يبقون في تلك السجون ؟ وهل سيلتحقون بعوائلهم ؟ أم يطلق سراحهم ويبقون في العراق،
كان الأمر كله مجهول ومرتبط بأمر من الدكتاتور صدام .
مضت سنوات وهم على تلك الحالة ، سمح لمن عنده ارحام وأصدقاء لزيارتهم في السجن ، فكانت زيارات لعدد منهم لمن له أحد باقي من أقاربه ..
بعد مضي أكثر من خمس سنوات في سجون أبي غريب بدأت حملة التنقلات لهم والتقسيم إلى السجون الأخرى
وانقطعت عنهم الزيارات .
كانت الحرب العراقية الإيرانية تدور رحاها على الحدود بين كر وفر وهي تحصد الأرواح من الطرفين ....
بدأت اخبار السجناء تختفي بالكامل إلا على الخواص من رجالات الأمن المقربين لصدام .
في الجانب الآخر من الحدود كانت عوائلهم بانتظار الحاقهم بهم فالأب والأم والأطفال كل ينتظر سجينه ليفرج عنه .
تضاربت الأخبار عن مصيرهم وكانت الرواية الأرجح انه تم إجراء اختبار الأسلحة الكيمياوية عليهم قبل ضرب القوات الإيرانية بها .
كان هناك خمس أصدقاء من السجناء تعرفت عليهم خلال سنوات السجن .
محمود : وله أخوة سجناء في سجون أخرى وواحد معه .
علي : المتزوج حديثا وعنده بنت صغيره اسمها زهراء هجرت مع أمها .
حسن : الولد الوحيد لأبويه وله أخوات
حسين : الطبيب الذي كان على ابواب الزواج بعد أن أمضى سنتين في التعين.
أحمد : أكبر إخوته والمساعد الأكبر لوالده التاجر في متجره .
تآخا هؤلاء الأخوة في السجن وأحب أحدهم الآخر ، وكانت أحلامهم تدور حول ما يفعلونه عند خروجهم من السجن وكيف يتواصلون .
في أحد الأيام داهم رجال الأمن السجن ليأخذوا ألف شخص منهم ولا أحد يعلم إلى أين يذهبون بهم ...
قال لهم السجان أبو عروبة اطلاق سراح ...
انتشر الخبر بين السجناء كالنار بالهشيم وكل واحد منهم يعانق الآخر ويعطيه عنوانه بعد الخروج ...
فيما أصابت الريبة البعض الآخر ومنهم الأصدقاء الخمسة الذين راودتهم الشكوك واعتبرهم الآخرون متشائمين .
كان قاسم أخ محمود من ضمن الألف الذين سيذهبون ، فجاء إلى أخيه محمود وهو فرح ليودعه لأن أبو عروبة قال لهم سترحلون إلى أهلكم .
فقبل قاسم اخيه محمود وطلب منه ان يوصي ما عنده لاهله لانه سوف يسبقه للوصول .
لكن محمود لم يتجاوب معه لأنه غير مطمئن لاقوال رجال الأمن وكأنه يشعر أن مصيرا اسود ينتظرهم ، ولهذا ودع أخاه بقوة أكثر لا فرحا بل خوفا على أخيه وكأن هواجس في داخله تقول أنه الوداع الأخير .
وبقي محمود في السجن ينتظر دوره ويفكر بأخويه الاخرين في سجن آخر .
وأصدقائه الأربعة يصبرونه ويعطوه أمل بأمكان صحة قول أبو عروبة لهم بالأفراح .
مضى على ذلك اسبوعان وكل يومين وثلاثة يأخذون وجبة جديدة والأصدقاء الخمسة يترصدون الأخبار ويستنطقون بعض السجانين بطريقه غير مباشره عن مصير من خرج وعن مصيرهم ، ومن دون فائدة .حتى حل عليهم فجرا نفس رجال الأمن السابقين ليأخذوا المتبقي منهم وهم آكثر من ألف وكان الخمسة من ضمنهم سارت بهم الحافلة لما يقرب الساعتين ثم دخلت منعرجات ترابية ، فظن السجناء أنهم باتجاه الحدود الإيرانية وهذه الطرق إليها .
كانت الشبابيك موصدة والستائر متدلية لا يبصر السجناء شيء إلا تراب من خلال حركة الستائر الخفيفة ولكنهم يشعرون بدخولهم مناطق صحراوية من خلال تموج الحافلة وعدم سماع ضجيج سيارات المدن.
إلى أن وصلوا وسط الصحراء فأنزلوهم بقاعات ضخمة غير مأهولة وكان هناك نثار لبقايا ألبسه رجالية لأشخاص غادروا المكان قبلهم وأثار أقدام مبعثرة كثيرة على الغبار الذي يغطي سطح القاعة .
وما هي إلا ساعة ودخل عليهم رجال يرتدون اقنعة واقية وألبسة خاصة قالوا لهم لا تتحركوا وكل يبقى في مكانه نريد أن نعقم القاعة ، فرشوها برذاذ به رائحة معطرة .
وما أن خرج هؤلاء إلا وبدأ بعضهم بالغثيان والاختناق وجسمه يرتعش ، فدخل أصحاب الأقنعة من جديد وفتحوا لهم الأبواب ليخرجوا للتنفس ، فاندفع الشباب إلى خارج القاعة وهي عبارة عن صحراء قاحلة .
لكن حاجتهم لاستنشاق الهواء الطلق ولم تمضي دقائق إلا كان كل شخص منهم ساقط على الأرض يرفس برجليه الأرض ويصرخ أريد هواء .خرج الأصدقاء الخمسة أيضا وكان سقوطهم متقارب وكل منهم يودع الآخر وهو ينازع الموت .
محمود يذكر أخوانه وأبويه ويناديهم بأسماهم،ةوعلي يقول لهم هذه زهراء بنتي جاءت لي بقدح الماء لتسقيني منه .
حسن الوحيد لأبويه يقول هذه أمي عندي وضعت رأسي في حجرها تمسح العرق عن جبيني وتقول لاتخف .
وحسين الطبيب عرف أنه الموت بخبرته الطبيه فقال لهم رددوا معي وتشهدوا وهم يرددون بأنين
أشهد أن لا إله إلا الله وان محمد رسول الله وان٥ علي ولي الله ثم خفت صوته وفارق الحياة .
واحمد الولد الاكبر لاخوته في الانفاس الاخيرة سحب نفسه بصعوبة بالغة ليضع رأسه على صدر حسين الطبيب الذي فارق الحياة ليرى هل من احد واقف هناك،فلم يجد إلا أجساد مرمية في الصحراء وأن مجموعة من الجرافات بدأت تجرف تلك الاجساد لتلقي بهم في حافلات للحمل اصطفت ، ولا يسمع صوت لأحد إلا أنين الضحايا والجرافات تأخذ الحي منهم والميت .
وهو في تلك اللحظات ظهرت له في خيالات الموت صورت أبيه يجر أمه وهم يهرولون نحوه وينادون بأسمه احمد لينقذوا ابنهم وهو يرفع يده قليل ليلوح لهم ولا يستطيع النطق معتقدنا انهم فعلا موجودين وقادمين اليه .

جاسم الخيبري
#ايام_الخير

http://ncajustice.iq/

أظهر المزيد

 0 تعليقات sort   ترتيب حسب


التالي